رأي

علي أحمد يكتب: ضياع في المناقل!

علي أحمد

لا عبرة ولا عظة، وما سمعته وشاهدته في مقطع فيديو لحفل خطابي لكيزان في المناقل، خطيرا ونذير شؤم على البلدة الآمنة، كونه ذكرني بزيارة قائد جيش (سناء) لمدينة ود مدني؛ والتي كانت حينها آمنة مطمئنة وملاذًا للنازحين جراء حرب الخرطوم، لكن (طائر الشؤم) هذا زارها وخطب في الناس بأن لديه 40 ألف مستنفرٍ (كوز) من الجزيرة جاهزون للتحرك نحو الخرطوم وتحريرها من المتمردين – كما قال- بعدها بوقتٍ قليل رأينا الدعم السريع على مشارف المدينة، ثم داخلها، ولم نر كوزا واحدا من آلافه الأربعين، فاستولت قوات الدعم السريع على الولاية بأكملها عدا بعض الجيوب التي أصبحت ملاذات آمنة للنازحين، ومنها بلدة المناقل.

الآن تحل روح البرهان في أحد كيزان البلدة، رجل ذو بسطة في الجسم والحنجرة، يكرر خطاب (الهرشة) بحذافيره، فأيقنت أنه كما طارت ود مدني ستطير المناقل قريبًا، فالكوز (أب حلقوم) طويل اللسان قليل الإحسان، قال إن لديه 41 ألف مستنفر في مناقله هذه – وكأنهم في مزاد يزايدون على بعضهم بالأرقام الوهمية – سماهم فيلق المقاومة الشعبية المسلحة وحددهم بالكيزان والحركة الإسلامية، واعتبرههم بديلًا للفرقة الأولى للجيش التي انهزمت في ود مدني على يد الدعم السريع، وقال على طريقة سلفه “الهراش الأكبر” أنس عمر، إنّ الإسلاميين لا يخافون من أحد – وهو صادق هم لا يخافون فقط يهربون إلى مصر وتركيا- مضيفا بأن قادتهم عندما خرجوا – يقصد هُرِبوا – من السجن زاروهم في ودمدني، بقيادة مجرم الحرب الإرهابي المطلوب للعدالة المحلية والدولية (أحمد هارون) الذي اجتمع بهم – حسب قوله- وقال لهم إن  ولاية الجزيرة (تسِد فرقة 9 ولايات). وأضاف هذا المخبول موجهًا خطابه لكوز آخر اسمه شيخ عبد المنعم أن (عليك المال وعلينا الرجال) حيث كان يتحدث نيابة عن ما سماها “المقاومة الشعبية الكيزانية المسلحة” التي اختبرها الشعب السوداني في معارك كثيرة أبرزها معركة ود مدني. مضيفاً بأنهم مستعدون لمقارعة الدعم السريع السِنان بالسِنان والطلقة بالطلقة والدانة بالدانة والوقفة بالوقفة، وبالطبع هذا لم نره من قبل ولن نراه من بعد.

أكاد أجزم أن الكوز المتغطرس والمتعفن لسانًا وخطابًا، سيكون أول الهاربين، وسيولي دُبره مع أول طلقة تطلق في سماء المناقل، كما فعل إخوانه في ود مدني عندما تبخروا كسرابٍ بقيعة وولوا الأدبار يوم الزحف كعادتهم، عليهم لعنة من السماء وجحيم على الأرض.

مثل هذه الخطابات الكيزانية المهووسة، هي التي جلبت الدعم السريع إلى ود مدني، وما أعرفه كمتابعٍ لهذه الحرب، إن لدى قيادة الدعم السريع حساسية بالغة إزاء ما يُسمى بالمقاومة الشعبية الكيزانية. لذلك أتوقع أن تكون المناقل الوجهة القادمة لهم لقطف هذه الرؤوس الملتحية الكالحة المُستنفرة الفارة دائمًا، كما رأيناها في عدة (مواقع) آخرها في الأيام القليلة الماضية حيث لقنتها قوات الدعم السريع دروسًا مجانية في البسالة والإقدام والتكتيك العسكري، وأوقعتها في كمين كشرك أم زريدو وتم (بل) مستنفري الفاو والقضارف ومليشيات (سناء كرتي) ومليشيات مرتزقة تمبور ومناوي (مدفوعة الأجر) وتكبيدها خسائر فادحة على مشارف ولاية الجزيرة. حيث أظهرت مقاطع فيديو مشاهدًا مأساوية ينفطر لها القلب، أشلاء لعشرات وربما مئات القتلى ومثلهم من الأسرى، دعك عن (المغانم) التي هي عشرات من سيارات الدفع الرباعي المدججة بالأسلحة الحديثة والدبابات وغيرها من المواد التموينية (اللوجستية) وأجهزة الاتصال. وهذا بالضبط سيكون مصير كيزان ومستنفري المناقل بسبب هذه التصريحات الرعناء الحمقاء.
لقد ظلت هذه البلدة وتوابعها من القرى آمنة مطمئنة كما كانت ود مدني، إلى أن جاءها الكيزان بأوامر من المجرم أحمد هارون. وأينما حل الكيزان أو البرهان يحل الخراب والدمار، وتضيع المدن والقرى والبلدات، ويتشرد أهلها في الآفاق.

وإن كانت ثمة نصيحة صادقة أزجيها لأهل بالمناقل، أن يشرعوا فورًا في طرد الكيزان والمستنفرين دون تأخير أو تردد من مناطقهم و(عوجة ما بتجيهم)، فإني أخشى على هذه البلدة وقاطنيها (الضياع)، فيما سيفر الكيزان فرار الصحيح من المجزوم في الدقيقة الأولى من المباراة أو  حتى قبل إطلاق صافرة بداية المعركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى