تقارير وتحقيقات

الجيش يمارس التسويف التفاوضي: مشاورات جدة تصل إلى طريق مسدود

تقرير: الطيب علي حسن

وصول مفاوضات جدة إلى طريق مسدود:

في متغير جديد في الأزمة السودانية، وقبل أيام من انطلاق مفاوضات جنيف بين كل من الدعم السريع والجيش السوداني، وصلت مشاورات جدة بين وفد حكومة بورتسودان ومسؤولين أمريكيين، حول مناقشة شواغل حكومة بورتسودان إلى طريق مسدود. وذلك عقب فشل الاجتماعات التشاورية في تحقيق أي اختراق في أجندة التشاور التي تشمل: تنفيذ اتفاق جدة، ومناقشة أجندة مفاوضات جنيف المزمع عقدها في 14 أغسطس الجاري التي دعت لها الولايات المتحدة الأمريكية، وستشارك فيها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وعدد من الدولة المراقبة.

يأتي هذا المتغير، بعد أن أعلن رئيس وفد حكومة بورتسودان في الاجتماعات التشاورية محمد بشير أبو نمو، كما أوردت وكالة سونا، اليوم الأحد: انتهاء المشـاورات بين الطرفين، مـن غيـر الاتفاق علـى مشاركـة وفد الجيش السوداني فـي مفاوضـات جنيـف. وقال “أبو نمو”: “بصفتـي رئيسـاً للوفـد الحكومـي فـي الإجتماعـات التشاوريـة مـع الأمريكـان فـي مدينـة جـدة السعوديـة، أعلن انتهاء المشـاورات مـن غيـر الاتفاق علـى مشاركـة الوفـد السودانـي فـي مفاوضـات جنيـف”.

 وأوضح “أبو نمو”، أن تصريحه المتعلق بعدم مشاركة الوفد السوداني في مفاوضات جنيف، هو توصية للقيادة، “سـواء كـان الوفـد ممثلًا للجيـش حسـب رغبتهم، أو ممثـلًا للحكومـة حسـب قـرار الحكومـة مـن الآن وصاعـدًا”. وأضاف: “الأمـر كذلك متروك لقرار القيـادة وتقديراتها”. مشيرًا إلى أن هنـاك تفاصيـل كثيـرة، قادتهم إلى هـذا القـرار بإنهاء الحوار التشاوري مع الجانب الأمريكي دون اتفـاق.

وكانت مصادر مطلعة قد أكدت لقناة العربية/الحدث، اليوم الأحد، انتهاء المشاورات بين وفد حكومة بورتسودان، ومسؤولين أميركيين في جدة، دون تحقيق اختراق في أجندة التشاور، وذلك ضمن اللقاء التشاوري الذي طلبته حكومة بورتسودان ووافقت عليه الحكومة الأمريكية؛ تمهيدًا لانطلاق مباحثات وقف إطلاق النار المرتقبة في جنيف في 14 أغسطس. 

وأكدت المصادر أن سبب الخلاف، هو أن الوفد الأمريكي الذي يترأسه المبعوث توم بيرييلو، كان قد قدم مقترحًا بأن يقود وفد التفاوض من الجانب الحكومي ضابط أو مسؤول رفيع في الجيش، وذلك لإنجاح وتسريع الجولة. وأوضحت المصادر، أن الوفد السوداني رد بأنه سيشارك بوفد حكومي وليس بوفد للقوات المسلحة. 

وفي حين أوضحت مصادر، أن مشاورات فنية بين الأطراف الدولية ستبدأ في 14 من أغسطس بجنيف، حتى في حال لم يشارك وفد الجيش، أكدت مصادر أخرى أن هنالك اتجاه لتأجيل مفاوضات جنيف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في حال لم يوافق الجيش على المشاركة.

المبعوث الأمريكي: جنيف لا تمنح شرعية لأحد:

وبدوره، قال المبعوث الأمريكي للسودان، توم بيرييلو، في مقابلة على قناة الحرة، اليوم الأحد: إن مفاوضات جنيف، لا تمنح أي من طرفي الحرب شرعية. وأكد أن الدعوة موجه لكل من البرهان وحميدتي كطرفي صراع، بهدف التوصل إلى وقف اطلاق نار، دون أن نعطي أي مصداقية أو شرعية لأي من الطرفين. مضيفًا، “نحن نريد فقط أن يجتمع طرفا الحرب في السودان، للوصول إلى وقف إطلاق نار ينهي الأزمة السودانية”.

توم بيرييلو
توم بيرييلو المعبوث الأمريكي

وأضاف بيرييلو: “نتمنى أن يكون هنالك تمثيل على أعلى المستويات من قبل الأطراف المشاركة في المحادثات”، مؤكدًا أن الأساس هو  أن يشارك شخص له القدرة على اتخاذ القرارات وإنفاذها، وذلك يتطلب أن يكون الوفد المشارك رفيع المستوى حتى نتمكن من الوصول إلى نتائج عملية وحلول للأزمات، والبدء في تنفيذ الاتفاقيات السابقة، والوصول  إلى وقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات”.

وأشار بيرييلو خلال اللقاء، إلى أن الإدارة الأمريكية، لا تقف مع أي من أطراف الصراع ضد الآخر، وإنما تقف إلى جانب الشعب السوداني. وأضاف: نحن نرى ضرورة مشاركة الجيش، ونادي بيرييلو، بتطبيق القانون الدولي حيث قال: نحن نرى انتهاكات للقانون الدولي من قبل كلا طرفي الحرب، وقد فرضنا عقوبات سابقة على فاعلين سلبيين من كلا الطرفين.

وفي سياق حديثه عن الاعتراف الأمريكي بحكومة بورتسودان، أكد بيرييلو أن الحكومة الأمريكية لم تعترف بها. حيث أوضح: “نحن خاطبنا الطرفين بصفتهما العسكرية، كما إننا دعونا المشاركين في المفاوضات على أساس أنهما طريفين في الصراع، وليس استناد إلا شرعيتهما أو عدمهما، والبرهان هو قائد الجيش أحد طرفي الصراع”.

موقف الجيش يسمى بـ “التسويف في العملية التفاوضية:

إبراهيم موسى زريبة
إبراهيم زريبة كبير مفاوضي اتفاق جوبا

وفي سياق تحليله لانتهاء اللقاء التشاوري بين وفدي حكومة بورتسودان، ومسؤولين أمريكيين، قال كبير المفاوضين باتفاقية جوبا “إبراهيم زريبة” لـ«صحيفة الجماهير»: “إن الأمر برمته قد يفسر بمحاولة بورتسودان تعريف نفسها  كطرف حكومي، ينتزع اعتراف دولي جديد بعد أن رفض الاتحاد الأفريقي ذلك إثر انقلاب 25 أكتوبر 2021”.

وأوضح “زريبة”، تدور حربًا بين طرفين عسكريين في السودان، هما الجيش والدعم السريع، ومسعى أمريكا هو جمع الطرفين للتفاوض من أجل الحل السلمي، ولذلك، تمت دعوة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إلى جدة. وتابع زريبة: “إن قيام البرهان بإرسال وفد برئاسة وزير المعادن محمد بشير أبو نمو (ابن خالة مني أركو مناوي) يسمى بالتسويف في العملية التفاوضية”. 

وبرر “زريبة” تسميته موقف الجيش بالتسويف في العملية السياسية قائلا: ذلك أنه سوف يبحث في المقام الأول، عن موطئ قدم لحركته المندمجة في الجيش، وثانيًا سوف لن يكون لأبو نمو أي تفويض لاتخاذ أي قرار يدفع بالعملية التفاوضية إلى الأمام وسيخضع من على البعد لتوجيهات مناوي أكثر من الالتزام بتوجيهات البرهان.

وأكد “زريبة”، أن وصول مشاورات جدة إلى طريق مسدود؛ يقرأ في إطار التماطل وعدم الجدية من جانب القوات المسلحة. وأضاف زريبة: لقد بدأت مفاوضات جدة بداية صحيحة بيت الجيشين المقاتلين فقط، ولم تكن هنالك أي أجندة سياسية، لأن تلك الأجندة قد تأتي، في أغلب الأحوال، بعد توقيع وقف إطلاق النار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى