في دولة “المواطنة”، ينبغي أن نفصل الدين أول ما نفصل عن أي حرب.
قبل أن نفصله عن الدولة، أو عن السياسية.
تقديسا لرب العزة، وتوقيرا لدينه، وحفاظا على ما تبقي لنا من إيمان ووطن، فالذين إفتروا على الله القول، ثم ساموا خلقه سوء العذاب، كانوا قد أفسدوا على الناس بحربهم القذرة هذه، دينهم، قبل أن يفسدوا عليهم دنياهم.
فلما يقارب عامين، افترى أناس في هذه البلاد على الله وعلى دينه كذبا، ما أنزل به من سلطان. بل كاد أن ينطبق عليهم القول: “لولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل شيخ ميليشيا”.
قبل أن يسأل شاعر مغامر: “هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته، أخيه: “الله أكبر”. أنه كافر، إذ يرى الله على صورته هو: أصغرَ من كائنٍ بشريٍّ سويِّ التكوين؟”.
وكذلك قبل أن يقول محمود درويش نفسه: “حار الفقهاء أمام النائمين في قبور متجاورة:
هل هم شهداء حرية؟.
أم ضحايا متناحرة في عبث المسرحية؟. حار الفقهاء واتفقوا على أمر واحد
هو: أن الله أعلم”.
كل هذا حدث ويحدث، برغم قوله تعالي: “من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”.
ورغم قول رسوله الكريم (ص): “لأن تهدم الكعبة حجرا حجرا، أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم”.
بل وقوله (ص) أيضا: «من آذى مسلماً بغير حقٍّ فكأنما هدم بيت الله».
وبصيغة مغلظة آخري قال النبي الكريم: «والذي نفسي بيده لَقَتْلُ مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا».
وبرواية ثانية قال عليه الصلاة والسلام: «لَزوالُ الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق».
وبالعودة إلى الواقع لا بد أننا قد رأينا كيف كشفت حرب دفاع الإسلاميين الحالية عن نظامهم، عن أبشع وجوه الحرب علي الإطلاق، من صور للذبح والحرق وبقر للبطون، وأكل للأكباد والأحشاء، ورمي للناس موتي أو أحياء في النهر أو في الترع والقنوات.
ذلك فضلا عن السجل الكالح القديم لنظام “الإخوان المسلمين” الذي عرف على مدي ثلاثين عاما، بممارسته لأكبر حملات إبادة جماعية في جنوب السودان راح ضحيتها قرابة مليونين من البشر، في حرب جهاد مقدس بإسم الدين، وفي إقليم دارفور أكثر من ثلاثمائة ألف شخص، قضوا في محارق القري، وفي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يندي لها الجبين، طولب بسببها رأس النظام وكبار قادته للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية.
إضافة لجرائم ومجازر أخري حدثت ما بعد عزل البشير نفسه، وفي مقدمتها بالطبع مذبحة إعتصام القيادة العامة للجيش، الي جانب القتل الممنهج لأكثر من مائة من المتظاهرين ضد انقلاب البرهان قبل وقوع هذه الحرب اللعينة.
