رأي

بتول المسلمي تكتب: برامج المقالب ، الخوف المضحك ..!

بتول المسلمي

يتسمر المشاهدون المتابعون لبرامج المقالب ، أمام شاشات التلفاز ، يعيشون أجواء الرعب التي يكون فيها ضحية المقلب ، و يتفاعلون معها بحماس ، لكن الغريب في الأمر أن التفاعل مع الوضع النفسي الحرج للضحية يكون بالضحك ، ما يجعلنا نطرح سؤالأ : ما المضحك في إخافة الناس ؟
الفكرة الرئيسية في المقلب ، أن تكون الشخصية التي حيك حولها المقلب في حالة ضعف و فقدان للتوازن النفسي ، كآثار رئيسية للإحساس بالخوف و الرعب ، هذا الوضع النفسي ينتج عنه تصرفات غير متوقعة و ردود أفعال تتناسب مع شخصية الضحية ، من بكاء هيستيري أو صراخ ، أو فزع ، و تكون  لغة جسد مرتبكة.
بدأت برامج المقالب على الشاشات العربية في ثمانينيات القرن الماضي ، كانت تسمى بالكاميرا الخفية ، لأن ضحية المقلب لا يكون على علم بوجود كاميرا تسجل كل تفصيلة في ردة فعل ، و كانت المقالب تعمد الى وضع الضحية في موقف استفزازي ، و يظهر تجاوبه مع الموقف دون علم مسبق منه بأنه مصطنع .
تطورت المقالب ، و أصبحت تنشط في الموسم الرمضاني ، و أصبح صانعوها يتفنون في صناعة أوضاع معقدة و مرعبة ، تسبب ضغط نفسي هائل على الضحايا .
أصبحت العلاقة طردية بين ابتكار وسائل التعذيب النفسي و نجاح البرنامج ، و مع ذلك تلقى هذه البرامج رواجاً كبيراً و يزداد متابعيها عدداً ، و تنهال عليها الإعلانات محققة إيراردات ضخمة ، و توضع ليها ميزانيات كبيرة  .
و حتى لا تُنتهك حقوق الضحية  ، يتم بث الحلقة بناءً على موافقته الشخصية ، لكن جدير بالملاحظة أن في الفترة الأخيرة ، أصبحت هذه البرامج  تُبث بناء على اتفاق مسبق مع ضحية المقلب ، و الذي يبالغ في التمثيل برد فعل ليس  بالعفوي  بل مدروس جيداً ، و بمقابل مالي .
يأخذ صانعو  المقالب في اعتبارهم أن الجمهور يكون مهتم بالمشاهير ، و كيفية تعاملهم مع الأمور الحياتية ، هذه السلعة الأساسية التي يعتمدون عليها في جذب الجمهور ،   لكن لماذا الهوس بفكرة مراقبة المشاهير و هم يُعذبون و يتعرضون لإهانة أو إساءة  ؟ ما المضحك في أن يخاف أحد و يتملكه الذعر و الرعب ؟ الأحق و البديهي  ان يشعر الإنسان بالتعاطف  مع الضحايا لمثل هذه المواقف ؟
فهي ليست مواقف فكاهية أو مضحكة .
يرى علم النفس الأمر بمنظور آخر ، حيث يظهر الضحك كآلية دفاع عند مواجهة مخاوفنا ، ما يفسر سبب ضحكنا في أكثر المواقف غتامة ، فالضحك يحفز فكرة تجاهل القلق و تبديد الخوف .
لكن التعامل مع هذه البرامج،  يجب أن يشوبه الحذر ، فهي تعمل على ترويج فكرة التصالح مع العنف ، و التعامل معها كمدعاة للضحك .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى