رأي

بتول المسلمي تكتب.. ظاهرة ديفاجو السياسية

بتول المسلمي

دائماً ما أتسائل ، أين و متى شهدت ما يحدث الآن في الوطن بعد ثورة ديسمبر العظيمة ؟

رغم أنها أول و أعظم تجربة لأبناء جيلي ، لم نحظ من قبل أن يسمع صوتنا أو أن تلتفت إلينا طبقة ما  سياسية .
لم نكن نظن أننا قادرون على تحريك رقعة في الشطرنج ، و أي رقعة ؟

لقد انتصرنا في النهاية ، و قلناها بصوت واثق ( كش ملك ) .

لكن ما وقع بعد هذا كان شبيها بما حدث مرات عدة ،  و كرر التاريخ مأساته التي يوقعها على الثورات ، ما جعلنا نتساءل أين و متى شهدنا هذا التكرار .

ظاهرة الديفاجو ، هي ظاهرة معروفة علمياً بأنها احساس بأن حدثاً تكرر بكل تفاصيله ، و تعني كلمة ديفاجو في اللغة الفرنسية ( حدث من قبل ) .

لم يعرفها أحد سياسياً من قبل ، لكني عندما أتأمل الحال و المآل يهتف في رأسي أن هذا قد حدث من قبل .
تكررت المشاهد نفسها في ثورات وأدت بعد أن مرت بالمخاض الصعب ، اختناق اقتصادي ، لم يقو معه المواطن على التنفس ، حصار على الحياة ، على المأكل و المشرب و العلاج .

فتن تربح فيها تجارة السلاح و يخسر فيها الناس حياتهم .

لقد حدث هذا من قبل ، مرت به مصر الجارة بعد أعقاب ثورة يناير ، و مرت به سوريا الجريحة ولا زالت تعاني الحروب و التشرد ، مرت به ليبيا التي أصبح فيها النفط أغلى من دم الأبرياء .

و لم يكن السودان مختلفاً ، وطن قيل عنه أنه سلة غذاء العالم ، لكن أحقاد الحاقدين أرادته جائعاً .

لقد حملنا أمالنا وهناً على وهن ، و فديناها بالدم  ، و أقسمنا أن تكون حقيقة قبل أن نكون  ، لكننا و لحظنا العاثر أسلمنا أمرنا لسلة من الفشلة ، الذين يدمنون الفشل كما وصفهم الراحل ( منصور خالد ) .

ما العمل ؟

بالتأكيد ليس العمل أن نقف مكتوفي الأيدي ، يجب أن نقاوم ظاهرة الديفاجو المحبطة هذه ، ما أنجزناه الآن ليس قليلاً ، فالثورة كفعل مقاومة يجب أن تكون أسلوب حياة ، أن تكون نشاط وظيفي مرتبط بكل قيمة أو سلوك إنساني .

المقاومة بالقانون ، بالتعبير عن الرأى ، بالعمل الدؤوب ، ببناء النقابات ، أن ننقذ شعار ( حنبنيهو ) من أن يصبح  مجرد كليشيه سخيف .

و كما كان الشهيد العظيم عبدالعظيم  يقول : ( لقد تعبنا يا صديقي ولكن لا أحد يمكنه الإستلقاء أثناء المعركة ).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى