رأي

رشا عوض تكتب: لماذا يريد الكيزان اغتيال البرهان؟

هناك سبب يقولونه للبلابسة خفاف العقول وهو أن البرهان سبب الهزيمة ويرغبون في التخلص منه لخوض الحرب بشراسة وتحقيق الانتصار! هذا علف للمساكين والدراويش والأغبياء! هذه الحرب صراع على السلطة، وكل حركاتها وسكناتها يجب أن ينظر إليها من عدسة هذا المنظور. الكيزان تأكدوا أكثر من غيرهم من استحالة الحسم العسكري، واقتنعوا تماما بأن الخيار الواقعي هو التسوية عبر التفاوض مع الدعم السريع!

رغبتهم في إزاحة البرهان سببها الحقيقي هو تصعيد ضابط موالي لهم وتحت سيطرتهم تماما إلى قيادة الجيش حتى يضمنوا السيطرة على التفاوض وتوجيهه في اتجاه مصالحهم، أي الحفاظ على ما تبقى لهم من قوة عسكرية وسيطرة على الموارد الاقتصادية وضمان حماية شبكات الفساد التي تخصهم هم، وتحقيق هدفهم الذهبي وهو استئصال أجندة الثورة والتحول الديمقراطي، وأن تكون نتيجة الحرب استبداد كامل الدسم بشراكتهم هم مع الدعم السريع، إما بشكل مباشر أو عبر وكيل موثوق في قيادة الجيش إلى أن يستجمعوا قوتهم لحرب جديدة أو يستمروا في شراكة الاستبداد ويشتغلوا في الدعم السريع عبر اختراقاتهم إضعافا بالانقسامات القبلية والسياسية.

هل البرهان ليست لديه مصالح مرتبطة بشبكات فساد وليست لديه رغبة في استئصال الثورة والتحول الديمقراطي؟ الاجابة نعم كبيرة! والهدف من حديثي هذا ليس تزكية البرهان، بل هو محاولة لكشف الملعوب من خلال قراءة ما يجري بعيدا عن تضليل كتائب الظل الإعلامية!

الصراع ليس حول مبدأ التفاوض، بل هو حول الجهة التي يجب أن تتفاوض وتحصد الثمار السياسية للتفاوض! الكيزان يرغبون في إزاحة البرهان لأن لديه طمعه الخاص في السلطة، وهو أكثر قدرة على منازعة الكيزان في السيطرة على الجيش! منازعتهم لصالح سيطرته هو، لا لصالح قومية ومهنية الجيش!

الغائب عن هذا الصراع هو معاناة الأبرياء المكتوين بنار الحرب، وهو الأفق الوطني الاستراتيجي ممثلا في الإرادة السياسية الناضجة لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة تحقق السلام المستدام! الغائب هو التقاط إشارة التاريخ التي تقول بوضوح: انتهى عهد الكيزان في حكم السودان عسكريا، وانتهى عهد الحكم العسكري في السودان بواسطة البرهان أو حميدتي أو أي جنرال آخر، وأي إصرار على نفخ الروح في هذه الخيارات البائسة لا يعني شيئا سوى إعادة انتاج “الحروب الخائبة” مثل الحرب الحالية! بمعنى حروب تدمر الوطن وتعذب المواطنين وتقود في النهاية لتقسيم البلاد ولكن دون تحقيق نصر حاسم لأي طرف راغب في حكم البلاد عسكريا! النتيجة هزيمة جماعية مغلظة للجميع!

ما زال الظرف يسمح لجميع الأطراف المتقاتلة ورغم كل عيوبها أن تفتح الصفحة الجديدة الكفيلة بإيقاف الحرب ووضع البلاد في طريق بناء واستدامة السلام. الكيزان والبرهان جربوا كل حيلة ممكنة وغير ممكنة في الغدر بحلم الدولة المدنية الديمقراطية في السودان لصالح مشاريعهم الاستبدادية والنتيجة أن كلا منهما الآن متربص للغدر بالآخر ومتحفز لاستئصاله!

يتصارعان في السيطرة على بورتسودان بعد أن تم طردهما معا من الخرطوم “شر طردة”! ويا له من بؤس! والأكثر بؤسا هو عدم الاعتبار من سقوط الخرطوم والهروب من مواجهة الأسباب الجذرية لهذا الحدث الكبير! والسبب الرئيس عطب المؤسسة الأمنية والعسكرية نتيجة خلل هيكلي بنيوي لا علاج له سوى إعادة بناء هذه المنظومة من جديد! (نقلا عن سودانايل).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى