تقارير وتحقيقات

سقوط مدينة «السوكي» أو سيطرة الدعم السريع على (6) من أصل (7) محليات بولاية سنار

تقرير: الطيب علي حسن

ولاية سنار: الموقع الجغرافي:

تقع ولاية سنّار جنوب شرق السودان، في قلب الحزام الطيني الذي يغطي وسط البلاد. وتحدها من الشمال ولاية الجزيرة، ومن الجنوب ولاية النيل الأزرق، ومن الشرق ولاية القضارف وجزء من الخط الحدودي الفاصل بين السودان وإثيوبيا، ومن الغرب ولاية النيل الأبيض، وولاية أعالي النيل التابعة لدولة جنوب السودان.

وتشغل سنّار مساحة تقدر بـ(40) ألفا و(680) مترا مربعا، بما يعادل نحو 2.7% من مساحة الدولة، وتقسم إلى سبع محليات (محافظات)، هي: “سنّار” و”سنجة” و”الدندر” و”الدالي والمزموم” و”شرق سنّار” و”السوكي” و”أبو حجار”، وتضم (21) وحدة إدارية، ونحو (1000) قرية. وتشكل مدينة سنجة مركز الولاية وعاصمتها.

سنار عاصمة السلطنة الزرقاء

تتمتع سنّار بموقع استراتيجي مهم، فهي تمثّل حلقة وصل بين وسط السودان وشرقه، وتربط بين عدد من المدن الاستراتيجية في شرق وغرب البلاد وجنوبها، وهي واحدة من أكبر المراكز التجارية ومن أغنى المناطق بالبلاد، وتضم مشاريع إنتاجية كبرى، مثل مشروع السوكي الزراعي.

قوات الدعم السريع تتوسع على حساب الجيش، كيف وصلت الحرب إلى سنار؟:

منذ نهاية العام 2023م، وإقليم وسط السودان، والذي يضم كل من ولايات الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض وسنار؛ يشهد معاركا شرسة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني. كما أنه يشهد تمددا غير مسبوق لقوات الدعم السريع على حساب الجيش وذلك في هذه الولايات الأربعة. وذلك بعد أن أحكم سيطرته على معظم إقليم غرب السودان الذي يضم دارفور وكردفان. 

في نهاية ديسمبر 2023م، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على الفرقة الأولى بمدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة بعد معارك عنيفة مع الجيش السوداني الذي أعلن في بيان،  ذات الشهر، أنه فتح تحقيقًا في ملابسات انسحاب عناصره من الفرقة الأولى بمدني. 

قوات الدعم السريع من أمام فرقة الجيش بمدني، ديسمبر العام الماضي (أرشيف)

وتابعت قوات الدعم السريع توسعها في السيطرة على ولاية الجزيرة- عدا المناقل-  وبدأت تتوسع في حدود الولاية مع ولايتي سنار والقضارف؛ لتحكم سيطرتها على مناطق واسعة من إقليم وسط السودان.

واستمرت قوات الدعم السريع في التوسع حتى أصبحت تسيطر على نسبة 70% -بحسب تقارير- من مساحة البلاد. واستمرت المعارك بين الدعم السريع والجيش في تخوم ولاية الجزيرة وسنار حتى يونيو 2024م، وذلك عندما تمكنت قوات الدعم السريع من الوصول إلى جبل موية قرب مدينة سنار، لتبدأ توسعها نحو ولاية سنار.

سقوط جبل موية: بداية انهيار وهزيمة الجيش بولاية سنار:

في الإثنين 24 يونيو الماضي، اندلعت معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منطقة جبل موية الاستراتيجية، والتي تقع على طريق سنار-ربك الذي يربط ولاية النيل الأبيض بولاية سنار ومن بعدها بشرق السودان. وهي المعارك التي انتهت بإعلان قوات السريع سيطرتها على منطقة جبل موية في بيان رسمي صدر بنفس التاريخ.

وقال محللون عسكريون -وقتها- إن سيطرة قوات السريع على منطقة جبل موية، تعني قطع الإمداد والاتصال بين كل من الفرقة العسكرية بمدينة المناقل -آخر مناطق تواجد الجيش بولاية الجزيرة- والفرقة العسكرية بمدينة سنجة بولاية سنار، وكذلك الفرقة العسكرية للجيش بمدينة ربك بولاية النيل الأبيض.

قوات الدعم السريع تسيطر على جبل موية (أرشيف)

 وأصبح جبل موية عقب سيطرة قوات الدعم السريع عليه -حسب عدد من الخبراء العسكريين- نقطة الهجوم المتقدمة لقوات الدعم السريع على ولاية سنار والفرقة العسكرية بسنجة وبقية الألوية العسكرية والحاميات بالولاية.

(1) محلية سنجة: سقوط الفرقة (17) مشاة وبداية تسارع سقوط محليات ولاية سنار:

في يوم 25 يونيو هاجمت قوات الدعم السريع دفاعات الجيش المتقدمة بمحلية سنار، قبل أن يتمكن الجيش من صد الهجوم؛ ليتضح لاحقًا أن الهجوم على مدينة سنار كان تمويهًا من قبل قوات الدعم السريع بهدف تغطية الهجوم الرئيسي على الفرقة (17) مشاة بمدينة سنجة عاصمة ولاية سنار. والتي تقع في الضفة الغربية للنيل الأزرق، وتبعد عن مدينة سنار حوالي 60 كيلومتر؛ حيث توغلت قوات الدعم السريع في يوم السبت، 29 يونيو من مواقع تمركزها في جبل موية نحو سنجة؛ وخاضت معارك عنيفة ضد الجيش حتى تمكنت من الوصول إلى رئاسة الفرقة (17) مشاة والسيطرة عليها.

وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان رسمي، على صفحتها الرسمية على منصة “إكس”، السبت 29 يونيو؛  أنها قد سيطرت على الفرقة (17) مشاة بمدينة سنجة الاستراتيجية، الرابطة بين ولايتي سنار والنيل الأزرق. كما نشرت صورًا ومقاطع فيديو أظهرت أعدادًا كبيرة من جنودها بقيادة قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل، وقائد قطاع النيل الأزرق المقدم عبد الرحمن البيشي -الذي توفي في المعارك بعد ذلك-، وهم داخل مكتب قائد الجيش بسنجة.

القائدان بالدعم السريع كيكل والبيشي من داخل مكتب قائد الجيش بسنجة (أرشيف)

(2) محلية الدالي والمزموم:

عقب سيطرتها على الفرقة (17) مشاة ومحلية سنجة في 29 يونيو، توجهت قوات الدعم السريع إلى بسط سيطرتها على محلية “الدالي والمزموم” إحدى محليات ولاية سنار السبع؛ والتي تقع على بعد 120 كيلومتر من مدينة سنجة في الجنوب الشرقي للسودان. 

وتبعد محلية الدالي والمزموم نحو 20 كيلو متر عن دولة جنوب السودان، حيث تحدها مقاطعة الرنك الجنوبية. وتتميز المحلية بموقعها المركزي الذي يربط الكثير من ولايات السودان ببعضها البعض؛ فحدودها مع ولاية النيل الأبيض غربا، وجنوبا مع ولاية النيل الأزرق، هذا بالإضافة إلى أنها منطقة حدودية مع دولة جنوب السودان.

في يوم الإثنين 3 يوليو، نشرت صفحات موالية لقوات الدعم السريع أخبارًا عن انسحاب الجيش السوداني من مقراته بمدينة المزمزم. وتحصلت «صحيفة الجماهير» على مقطع فيديو جرى تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي، في التاريخ نفسه، يؤكد سيطرة قوات الدعم السريع على اللواء «66» بمنطقة «المزموم»، حيث أكد أحد السكان أن الجيش انسحب من «المزموم» تاركًا خلفه سيارات متعطلة وكميات من الذخائر.

مواطنون أمام اللواء 66 بالمزموم بعد انسحاب الجيش

 (3)  محلية الدندر:

بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفرقة (17) بمحلية سنجة عاصمة ولاية سنار؛ توجهت مباشرة لمهاجمة قوات الجيش والحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانبها، المتواجدة بمدينة الدندر التي تبعد عن مدينة سنجة نحو 25 كيلومتراً شرقا، والتي تعد ذات موقع استراتيجي يربط مناطق سنار والنيل الأزرق بإقليم شرق السودان؛ وهي أيضا، تقع ضمن محيط محمية الدندر الطبيعية والتي تعد أكبر محمية طبيعية في أفريقيا وهي تمتد على الحدود بين إثيوبيا والسودان ومن هنا أهميتها الاستراتيجية بين محليات سنار.

 في بداية يونيو الماضي، هاجمت قوات الدعم السريع دفاعات الجيش والحركات المسلحة بمدينة الدندر؛ حيث دارت معارك عنيفة ومتقطعة استمرت لعدة أيام. هذا وقد كان الجيش وحلفاؤه من الحركات المسلحة، أعلنوا يوم الخميس 4 يوليو؛ استرداد مدينة الدندر  من قوات الدعم السريع. 

تجددت المعارك لاخقًا، وذلك عقب أن هاجمت قوات الدعم السريع صبيحة يوم الجمعة 5 يوليو تمركزات الجيش والقوة المشتركة بالدندر، ودارت معارك ضارية، أعلنت قوات الدعم السريع عقبها، وفي ذات اليوم، عبر بيان رسمي لها على منصة إكس: أنها استعادت سيطرتها الكاملة على مدينة الدندر، وذلك بعد أن هزمت الجيش السوداني والمتحالفين معه.

صورة تظهر عربة قتالية تتبع للجيش واستولى عليها عناصر الدعم السريع في الدندر

وبحسب بيان قوات الدعم السريع فإن قواتهم سيطرت يوم الجمعة 5 يوليو، بالكامل على منطقة الدندر الاستراتيجية عقب تكبيدها الجيش والقوة المشتركة التي تقاتل إلى جانبه خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وأشارت الدعم السريع إلى أن سيطرتها على الدندر الاستراتيجية ستمهد الطريق لتحرير مناطق أخرى.

وقال القائد الميداني بقوات الدعم السريع، اللواء السيد العريفي، لـ «صحيفة الجماهير»، إن قواتهم استولت على الدندر وبقية المناطق المجاورة لها من كل الجهات، وتوسعت سيطرتهم من ناحية الجنوب الشرقي إلى قرب الحدود مع دولة إثيوبيا.

محليتي: (4) شرق سنار و(5) محلية أبو حجار: 

إن سيطرت قوات “الدعم السريع”، على قيادة الفرقة 17 مشاة، رئاسة الجيش بمدينة سنجة، أتاح لها التمدد شرقا وغربا وجنوبا لتسيطر على  كل مدن أبو حجار، وود النيل والدالي والمزموم التي تقع شرق سنار  وأخيرًا السوكي. 

من بين أهم المحليات التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع، هي محلية شرق سنار التي بها أرض خصبة للزراعة، وعدد من المشاريع الزراعية الكبرى وحاضرتها مدينة ود العباس. 

أما المحلية الثانية ذات الأهمية، فهي محلية أبو حجار التي تقع جنوب شرق ولاية سنار على الضفة الغربية للنيل الأزرق؛ وتضم كل من وحدة أبو نعامة الإدارية وود النيل الإدارية وجلقني الإدارية، وعاصمتها مدينة أبو حجار .

(6) محلية السوكي.. قوات الدعم تحاصر الجيش بمحلية سنار من كل الاتجاهات:

أعلنت قوات الدعم السريع، في بيان، أمس الأربعاء، بسط سيطرتها الكاملة على مدينة «السوكي» بولاية سنار جنوب شرق السودان. وتقع «السوكي» على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق، وتبعد حوالي 37 كلم من الناحية الجنوبية لسنار.

وقال القائد الميداني بقوات الدعم السريع اللواء العريفي، لـ «صحيفة الجماهير»، إن “قواتهم حررت مدينة السوكي بالكامل، وكبدت العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد”، كاشفا عن (112) قتيلاً من بين صفوف الجيش والحركات الموالية له واستلام (13) سيارة دفع رباعي بحالة سليمة.

(7) محلية سنار: آخر معاقل الجيش بالولاية:

منذ يونيو الماضي، وقوات الدعم السريع تشن هجومًا متواصلًا على مواقع دفاعات الجيش والكتائب الجهادية التي تتبع للحركة الإسلامية بمحلية سنار. وتشهد العمليات القتالية بين الدعم السريع والجيش تصاعدًا هذه الأيام في المحلية، حيث تدور معارك شرسة في أكثر من جبهة،  من أجل السيطرة على المحلية.

وفي سياق هذه المعارك الشرسة بين الطرفين؛ أعلنت كتيبة البراء بن مالك، منذ نحو أسبوعين، عن مقتل أكثر من سبعة من قادتها في محوري سنار والمناقل من بينهم قائد أول قطاع سنار، وقائد قطاع أمدرمان سابقا، ليلتحق بهم قائد قطاع بحري بالكتيبة. هذا في حين أعلنت قوات الدعم السريع  عن مقتل المقدم “عبد الرحمن البيشي” قائد قطاع النيل الأزرق في ذات المعارك.

وأكد اللواء العريفي الذي كان قائدًا للمجموعة التي سيطرت على «السوكي»، على أنهم بهذا الانتصار قطعوا الإمداد عن مدينة سنار، وذلك بسيطرتهم على الطريق الرئيسي الذي يربط بين القضارف وسنار، وبهذا أصبحت الأخيرة محاصرة من كافة الجهات. وتعد مدينة السوكي، الواقعة في الاتجاه الجنوبي الشرقي لمدينة سنار، نقطة دفاع متقدم عن الأخيرة التي كانت تحاصرها قوات “الدعم السريع” من ثلاثة اتجاهات.

وعلى هذا، وعقب مرور شهر فقط على إبتداء المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في تخوم ولاية سنار، أصبحت الأخيرة تسيطر على ست محليات من أصل سبع بولاية سنار. هذا في حين أصبح الجيش محاصرًا داخل محلية سنار من كافة الجهات، وذلك في ظل التقدم المتواصل لقوات الدعم السريع على حساب الجيش منذ بداية الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى