رأي

كتب عبد الرحمن الكلس: سياسة نظام (السيسي).. توريط البرهان وتدمير السودان

بقلم : عبد الرحمن الكلس
تقوم خطة النظام المصري (نظام عبد الفتاح السيسي) لمواجهة مشاكل مصر الاقتصادية والسياسية؛ بشكل رئيسي، على تقويض استقرار السودان ونهب موارده، وعرقلة أية جهود تؤدي إلى انتقال ديمقراطي يقود إلى تأسيس حكومة وطنية تحافظ على سيادة السودان وازدهار ورفاه شعبه، وتضمن حريته وتصون موارده الاقتصادية وحقوقه المائية. والنظام المصري الحالي كنظام غبي، ظلّ يتعامل مع السودان بنظرة آنية ضيّقة، لا تراعي الأسباب التي تؤدي إلى تدمير السودان وما سيترتب على ذلك من نتائج وخيمة حتى على مصر نفسها في المدى البعيد/القريب. وقد شاركت مصر منذ اليوم الأول لحرب 15 ابريل، مشاركة فعلية؛ بل شاركت في التحضير والإعداد لها، منذ ورشة العمل التي نظمتها المخابرات المصرية في الفترة ما بين 2-7 فبراير الماضي، وشارك فيها ما يعرف بالحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية)، مع بعض كوادر النظام السابق، وبعض سدنته مثل التيجاني السيسي ومبارك الفاضل المهدي، ونتج عن تلك الورشة تكوين تكتل جديد باسم السكرتارية التنسيقية للقوى الوطنية، وهو الائتلاف الذي يدعم الحرب الدائرة حاليًا كما دعم قبلها انقلاب 25 اكتوبر، والذي دبره نظام السيسي بالكامل، فكرة وتخطيطًا ودعماً، بالتنسيق مع كوادر التنظيم الاسلامي داخل السودان وخارجه!

ونظام السيسي كنظام عسكري قمعي، بلا أفق سياسي ليس لديه ما يقدمه لحل مشكلة الحرب في السودان سوى الخيار العسكري، والعمل على استمرار الحرب، أي (الحل في البل) بنسخته المصرية، وهو الحل الأوحد الذي يملكه (السيسي)، بعيدًا عن حديث الكاميرات الذي خرج به البرهان عقب لقائهما بمنتجع (العلمين) الساحلي أمس.
والجنرال السيسي لا يريد من سياسة (الحسم العسكري) إبادة قوات الدعم السريع، فهذا أحد أهدافه بالضرورة، ولكن هدفه الرئيسي هو تحقيق مصالح نظامه في السودان، وهي مصالح بليدة وضيقة الأفق، فهو كنظام ديكتاتوري يحكم بالقبضة الحديدية يريد أن يثبت للعالم بأن أي محاولة لإرساء نظام ديمقراطي في المنطقة تنتهي للفوضى، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى يريد أن يحل مشاكل بلاده الاقتصادية المتفاقمة بسبب سياساته العدمية، وانسداد جميع طرق حلها؛ ولم يتبق له سوى نهب موارد السودان، وبالطبع هذا لن يتحقق إلاّ بإحداث حالة من عدم استقرار يعقبها التأسيس لحكومة عميلة، تضمن مصالح مصر قبل مصالح شعبها، وتحقق للنظام المصري أمنه الغذائي والمائي!
ونظام السيسي، بعد أن فشلت مخابراته في تقويض استقرار إثيوبيا اتجهوا إلى الخطة (ب) وهي تقويض استقرار السودان، وقد نجحوا فيما فشلوا فيه هناك؛ وذلك لعدة عوامل، أبرزها وجود عملاء لهم داخل الجيش السوداني؛ يقفون دائمًا على أهبة الاستعداد لخدمة مصالح الأنظمة في مصر، لذلك يدعم نظام السيسي البرهان عسكريًا بهدف إطالة أمد الحرب، خصوصًا مع اقتراب موعد الملء الرابع لسد النهضة، حيث إنّ إبقاء السودان في حالة من عدم الاستقرار تجعله غير قادر على الاستفادة من نصيبه (المحدود) من مياه النيل وذهابه كاملًا شمالًا إلى مصر، وبالتالي تضمن مصر عدم تأثرها.
وتقضي الخطة المصرية بأن يكون مركز السلطة في السودان اسلاميو المؤتمر الوطني، وتتم تغطيتهم باشراك ليبراليين معروفين من (مصادرهم) الأمنية، وبعض الفاسدين من غير الاسلاميين، وقوى الانقلاب أو ما يعرف بالحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) وهي صنيعة أمنية استخباراتية سودانية/ مصرية، مع قيادات من الحركات المسلحة (مناوي، جبريل)، ولاحقًا (الطاهر حجر) الذي تربطه روابط قديمة بالاستخبارات العسكرية!
وتسعى مخابرات نظام السيسي حالياً للترويج لهذا التحالف، لاكتساب مشروعية اقليمية، وذلك من أجل مشاركة عدد من هؤلاء الاسلاميين وجوقتهم الديكورية في منابر الاتحاد الأفريقي للحل السياسي بصورة رسمية كمقدمة لمشاركتهم في سلطة الحرب وما بعد الحرب. ويتعهد تنفيذ هذه الخطة نظام السيسي المصري بتمويل خليجي (قطر)، ويسعيان سويا إلى رشوة بعض المسؤولين في الاتحاد الافريقي (ود لبات) و(موسى فكي)، لتمرير الخطة عبره، تحت غبار كثيف من التضليل والتمويه واستخدام الواجهات المدنية الزائفة!
ولكن خطة النظام المصري تصطدم بعدة عوائق، فبالإضافة إلى استحالة هزيمة قوات الدعم السريع هزيمة ساحقة تتيح لهم انزال هذه الخطة على أرض الواقع، أيضًا ستقابل الخطة برفض قاطع من غالبية جماهير الشعب السوداني المتعطشة للتغيير الديمقراطي؛ والتي دفعت أثمانًا باهظة لأجله، خصوصًا بعد أن أحرق النظام البائد البلاد بالحرب، فلا يمكن أن يقبل شعب ثورة ديسمبر أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه، أو يعاد إنتاج نظام الفساد والاستبداد بأي صورة من الصور.
وفيما يسعى النظام المصري بالتعاون مع اسلاميي السودان لتقويض استقرار البلاد، وبالتالي استقرار القرن الافريقي فإنّ هناك قوي اقليمية ودولية تعرف معنى أن تتدحرج كرة اللهب من صرة أفريقيا (السودان) الى شواطئ البحر الأحمر الذي تمر به عشر تجارة العالم!
إن سياسة النظام المصري تجاه السودان أقل ما يقال عنها انها سياسة (بليدة) و(عبيطة)، ورئيس النظام المصري (السيسي) ومدير مخابراته (عباس كامل) يشبهان هذا السياسة ويضيفان إليها المزيد!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى