تقارير

تنطلق اليوم: مُفاوضات جوبا .. هل تُدرك الأطراف السودانية جسر السلام؟

الخرطوم – إسماعيل حسابو

بعد نحو عشرة أشهر من الجمود والمُحاولات الفاشلة، تُستأنف في عاصمة جنوب السودان، جوبا، اليوم (الأربعاء)، أول مُفاوضات مُباشرة بين الحكومة الانتقالية في السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، بهدف استكمال اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والحركات المسلحة في أكتوبر الماضي بجوبا. 

تشققات بليغة

وبالتالي فإن جوبا ستكون غدًا محطًا لأنظار السودانيين الذين يتوقون لسماع أنباء سارة، لا سيما في قضية السلام، وهي الورقة التي ستلعب عليها الحكومة الانتقالية التي تُحاصرها الانتقادات وتعاني من تشققات بليغة على جُدر حواضنها السياسية، وليس أمامها إلا الدفع بكل قوة في اتجاه تحريك عجلة السلام الذي لا زال متعثرًا رغم مضي عامين على ثورة ديسمبر، التي أطاحت نظام البشير.

حمدوك والحلو يتفقان على دخول المفاوضات برغبة قوية وإرادة حقيقية لتحقيق السلام

في سياق هذا الدفع، أعلن مجلس السيادة في بيان اليوم (الثلاثاء) مُشاركة رئيس المجلس الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، في الجلسة الافتتاحية للمُفاوضات، وبالفعل وصل إلى جوبا (الثلاثاء)، رئيس مجلس الوزراء الانتقالي، د.عبد الله حمدوك، مترئسًا وفدًا حكوميًا رفيعًا ضم كل من وزراء شؤون مجلس الوزراء، الدفاع، العمل والاصلاح الإداري، الشباب والرياضة، لحضور افتتاح جلسات الحوار المباشر مع الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال.

عضو مجلس السيادة الانتقالي شمس الدين كباشي، رئيس وفد التفاوض الحكومي

كما وصل إلى جوبا، عضوا مجلس السيادة، الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، ومحمد الحسن التعايشي.

إعادة هيكلة

على الرغم من الأحاديث التي دارت بحر الأيام الفائتة بشأن تكوين وفد الحكومة وارتفاع بعض الأصوات المطالبة بتغيير أعضائه، قال مجلس السيادة، في بيان (الثلاثاء)، إن عضو المجلس، شمس الدين كباشي، سيترأس وفد الحكومة لجولة التفاوض مع الحركة الشعبية، وبرر وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، بقوله “إن قيادة الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي لوفد التفاوض الحكومي جاء نتيجة لترتيبات داخلية، باعتباره كان يقود وفد التفاوض للمنطقتين في مسيرة تفاوض اتفاقية سلام جوبا”.

هيكلة جديدة لفريق التفاوض الحكومي، والكباشي رئيسًا

ومع ذلك، كشف وزير شؤون مجلس الوزراء، خالد عمر يوسف، عن ما أسماها “هيكلة جديدة” لفريق التفاوض الحكومي سيتم الإعلان عنها عقب اكتمال الوصول إلى جوبا.

“إعلان مبادئ”

دون شك، أن جولة المفاوضات الحالية ستستند بالأساس على بروتوكول “إعلان مبادئ” الموقع بين الطرفين في شهر مارس الماضي والذي عالج العقبة الرئيسة أمام المفاوضات بنصه الصريح على علمانية الدولة السودانية، وفي ذلك، قال وزير شؤون مجلس الوزراء، خالد يوسف، في تغريدة، تأتي هذه الخطوة (المفاوضات) كمواصلة لاتفاق إعلان المبادئ الذي وقع بين حكومة السودان الانتقالية والحركة الشعبية قيادة عبد العزيز الحلو، في مارس من العام الجاري.

تأكيدات الاستعداد

وأكد الدكتور ضيو مطوك، مُقرر لجنة الوساطة الجنوبية في تصريحات صحفية اكتمال كافة الترتيبات لانطلاقة الجلسة الافتتاحية للمفاوضات بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال بقيادة عبد العزيز الحلو (الأربعاء).

وأمس (الثلاثاء)، أكدت الحكومة الانتقالية استعدادها لخوص المفاوضات مع الحركة الشعبية وأنها لن تدخر جهدًا وصولًا إلى اتفاق سلام.

خالد عمر: لن ندخر جهدًا لاستكمال السلام الشامل في كل بقعة من بقاع بلادنا

وقال وزير شئون مجلس الوزراء، خالد عمر يوسف، في تصريحات صحفية، إن الحكومة تدخل المفاوضات برغبة أكيدة لتحقيق السلام بعد توقيع اتفاق سلام جوبا، مشيرًا للاختراق الكبير الذي تم بتوقيع إعلان المبادئ، مؤكدًا عزم الحكومة باستكمال عملية السلام في جميع أنحاء البلاد.

وأضاف قائلًا: “يجب أن لا تبقى مَظلمة واحدة بالبلاد قادت لاندلاع الحرب الأهلية حسب وعد ثورة ديسمبر المجيدة”.

وقال “نؤكد في حكومة الفترة الانتقالية أننا لن ندخر جهدًا لاستكمال السلام الشامل في كل بقعة من بقاع بلادنا، فهذا هو وعد ثورة  ديسمبر المجيدة التي لم تخلف وعدًا”.

جقدول: جئنا للتفاوض بقلب مفتوح وعزيمة أكيدة لإحداث اختراق وتقدم في التفاوض

الحركة الشعبية من جانبها أكدت جديتها في التوصل لسلام شامل وعادل يعالج جذور الأزمة السودانية.

ونقلت “العين الإخبارية”، عن المتحدث باسم الوفد التفاوضي للحركة، كوكو محمد جقدول، قوله: “اكتملت كافة الترتيبات لبدء المفاوضات الرسمية بين الحركة الشعبية شمال مع الحكومة الانتقالية بجمهورية السودان، بعد وصول وفد الحركة إلى جوبا مقر التفاوض”.

وأكد أن وفد حركته جاء للتفاوض بقلب مفتوح وعزيمة أكيدة لإحداث اختراق وتقدم في التفاوض من أجل التوصل لسلام شامل وعادل، معربًا عن أمله بأن يكون الوفد الحكومي على نفس الجاهزية السياسية لإنجاز هذه المهمة التاريخية.

رغبة وإرادة حقيقية

وشكل لقاء جمع رئيس الوزراء ورئيس الحركة الشعبية، في جوبا اليوم (الثلاثاء)، (حيث سجل الأخير زيارة لرئيس الوزراء) دليلًا آخر على رغبة الأطراف في إدارة الجسر وطي صفحة الاحتراب، ووفقًا لبيان من مجلس الوزراء تبادل حمدوك والحلو التأكيد على أهمية الجولة الحالية من المفاوضات وضرورة الدخول فيها برغبة قوية وإرادة حقيقية لتحقيق السلام. 

سلفاكير – الحلو – البرهان، توقيع إعلان مباديء

ورقة إطارية

ومن المنتظر أن يخاطب كل من: رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول سلفا كير ميارديت، ورئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بجانب رئيس الحركة الشعبية، عبد العزيز الحلو، ورئيس فريق الوساطة توت قلواك الجلسة الإفتتاحية.

وسيدخل الأطراف عقب الجلسة الافتتاحية مُباشرة في عملية التفاوض، وفقًا لما أعلن عضو فريق الوساطة، ضيو مطوك، الذي توقع أن تستمر المفاوضات لمدة أسبوعين، لافتًا إلى أن الحركة الشعبية تحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، ستدفع بورقة إطارية خلال جلسة التفاوض تتضمن عددًا من القضايا  السياسية والأمنية والاقتصادية.

وقال مطوك “إذا اتفقت الأطراف حول الورقة الإطارية فيمكن مناقشة تفاصيل هذه القضايا”.

معربًا  عن أمله في أن تتوصل الأطراف لسلام شامل  وتوقيع اتفاقيات، قبل أن يشيد  بتحاوب الأطراف للأنخراط في عملية التفاوض.

قلواك يستقبل حمدوك بمطار جوبا

حرص جوبا

ومن جانبه، أكد رئيس فريق الوساطة، توت قلواك، في تصريحات صحفية بمطار جوبا، لدى استقباله رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، اكتمال كافة الترتيبات لافتتاح جلسة الحوار الرسمية بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، غدٍ (الأربعاء) بجوبا في تمام الساعة العاشرة صباحًا، والتى سيشرفها رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق أول  سلفاكير ميارديت، ورئيسا مجلسا السيادة والوزراء؛ الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، ود.عبد الله حمدوك، بحضور عدد من الوزراء والخبراء الوطنيين.

وأكد مستشار رئيس جنوب السودان، حرص حكومة بلاده لتحقيق السلام بالسودان، موضحًا أن الجلسة ستعقبها اجتماعات مغلقة لمناقشة كل القضايا المتعلقة بالسلام، مبينًا أن عودة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال لملف السلام سيسهم في اكتمال عملية السلام بالسودان.

تجسير العقبة

وتعثرت المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين في أغسطس الماضي، بسبب إصرار الحركة الشعبية على مطلب بعلمانية الدولة السودانية أو منح حق تقرير المصير للمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) المتأثرة بالحرب.

غير أن برتكولًا لـ”إعلان مبادئ” وقعه رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، مع رئيس الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو، في جوبا في الثامن والعشرين من شهر مارس الماضي، قد جسر هذه العقبة الكؤود بنصه صراحة على علمانية الدولة السودانية، وهو ما من شأنه أن يمهد الطريق أمام الطرفين للوصل إلى تفاهمات سريعة.

وكان البرهان، التقى الحلو في جوبا في الرابع من مارس الماضي، وبحث معه استئناف عملية السلام وضرورة العودة للتفاوض للوصول إلى حلول ترضي جميع الاطراف.

مطوك: الحركة الشعبية ستدفع بورقة إطارية خلال جلسة الغد والمفاوضات لأسبوعين

ونص البرتكول على (تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية في السودان، تضمن حرية الدين والممارسات الدينية والعبادة لكل الشعب السوداني وذلك بفصل الهويات الثقافية والإثنية والدينية والجهوية عن الدولة وأن لا تفرض الدولة دينًا على أي شخص ولا تتبنى دينًا رسميًا وتكون الدولة غير منحازة فيما يخص الشئون الدينية وشئون المعتقد والضمير، كما تكفل الدولة وتحمي حرية الدين والممارسات الدينية، على أن تضمن هذه المبادئ في الدستور).

كما نص على أنه (يجب أن تستند قوانين الأحوال الشخصية إلى الدين والعرف والمعتقدات بطريقة لا تتعارض مع الحقوق الأساسية).

وأعلن رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، في فبراير الماضي، تشكيل أول حكومة في البلاد عقب توقيع اتفاقية السلام في جوبا، أكتوبر الماضي، واعتمدت الحكومة الجديدة برنامج قصير من (5) محاور، تضمنت استئناف التفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، والتواصل مع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور استكمالاً للسلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ