بقلم: عبد الرحمن الكلس
يواصل (الكيزان) جرائمهم البشعة في حق المواطنين (الغلابة)، غمار الناس، سكان أطراف العاصمة؛ الذين لا يملكون قوت يومهم، لذا قرروا البقاء في عاصمة الجحيم. ليست لديهم إمكانيات لينزحوا للولايات ولا لدول الجوار، لهم الله الواحد القهار، المنتقم الجبار.
يذهبون أطفالاً ونساء ورجالاً؛ قبل شروق الشمس تحت دوي المدافع وأزيز الطائرات إلى السوق المركزي بجنوب بالخرطوم بحثاً عن رزق (غير وفير) ليعودون إلى فلذات أكبادهم مع مغيب الشمس؛ بعد يوم عمل شاق، ببضعة جنيهات لا تكفي لوجبة واحدة، ثم يأتي طيران جيش الفلول، وينزل عليهم حمم من جحيم مقيم، يقتلهم بدمٍ بارد، فقط لأن أغلبهم من أهل الهامش الذين لا حياة لهم لدى كيزان الجيش، ولأنهم لم يغادروا العاصمة التي يريدونها خالية من البشر والشجر والحجر، فهم الآن يتجهون نحو سياسة الأرض المحروقة بعد أن خسروا جميع المعارك التي خاضوها ضد قوات الدعم السريع.
من له قلب من حجر، يمكنه مشاهدة مقطع الفيديو الذي يكشف كيف تحول يوم الجمعة، 24 نوفمبر، إلى يوم أسود، عندما قصفت طائرة عسكرية منطقة السوق المركزي للخضروات والفواكه، فتحول 45 سودانياً مدنياً غالبيتهم أطفال ونساء وكبار سن إلى أشلاء ممزقة ومِزعاً متناثرة ودماء مسفوحة.
مواطنون عزّل – يذبحون بدمٍ بارد – يا رباه – ما أبشع هؤلاء المجرمين القتلة، فبعد أن خسروا معركتهم وولى قادتهم الأدبار كالنساء، هروبًا إلى بورتسودان، وفروا أمام قوات (الدعم السريع) فرار الحملان من الذئاب، عادوا ليقصفوا المواطنين العزل بالطيران! فماذا يمثل السوق المركزي وما أهميته العسكرية والاستراتجية؟ وكم عدد جنود وآليات قوات الدعم السريع هناك؟، حتى ترسل إليها الطائرات المقاتلة لتقصفها؟؟
45 مدنياً أعزلاً، عمال وعاملات بسطاء، ومعهم أطفال، يبحثون عن (رزق) بين أكوام الخضار والفاكهة، يفتك بهم جيش الفلول، ويصيب ويجرح عشرات منهم بعضهم في حالة خطيرة للغاية، فيا للبشاعة والإجرام.
مثل هذا، لم تر عيناي أبداً، إنها جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان، وموثقة.
ينفذ الطيران التابع لجيش الكيزان طلعاته دائماً مستهدفاً الأحياء المأهولة بالسكان في العاصمة؛ بأم درمان وفي أحياء جنوب الخرطوم، وكذلك يستهدف الأسواق وأماكن التجمعات ولا يهدأ له بال إلا بعد أن يقتل أكبر عدد من الأبرياء العُزّل ويحولهم إلى أكوام لحم أو أكوام فحم.
أمام هذه الجرائم التي هزت الضمير السوداني والإنساني، أمام كل هذا القُبح والقيح واللا إنسانية في أبشع صورها، نصبو إلى لفت أنظار العالم الحر والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إلى إدانة هذه الجرائم والعمل على منعها والحيلولة دون تكرارها مرة أخرى، حتى لو وصل الأمر إلى فرض حظر للطيران على عصابات ومليشيات الإسلامويين المجرمة القاتلة، فكيف لمثل هؤلاء المجرمين السفاحين أن يرعووا ويتعظوا إلا بالعصا الغليظة والعقوبات والحصار داخلياً وخارجياً، فالإدانة وحدها لا تكفي،ـ هؤلاء ينبغي أن يعتقلوا ويقدموا إلى المحاكم.
يا لفظاظتهم وبشاعتهم وإجرامهم ولوثتهم وجنونهم، هؤلاء الكيزان قتلة بلا ضمائر وبلا رحمة، عليهم اللعنة.