في الوقت الذي يموت فيه الأطفال فلذات الأكباد يومياً جوعاً بالمئات في معسكرات النازحين بدارفور، لازال وزراء حكومة إقليم دارفور وعلى رأسهم الحاكم مني أركو مناوي، ووزيري المالية والتنمية الاجتماعية وموظفي مكاتبهم يتنعمون ويترفهون باسم وحقوق شعب دارفور، وتفيد المتابعات ان هؤلاء الوزراء وموظفي مكاتبهم تجاوز عددهم (٢٠٠) موظف، يقيمون في مدينة بورتسودان، يستأجر كل واحد منهم شقة بمبلغ (١,٥٠٠,٠٠٠) مليار ونصف شهرياً، في الوقت الذي يتقاضى فيه الوزير راتب شهري (٢٠٠) ألف جنيه فقط.
وبالتوازي مع الحرب الدائرة في السودان، برز إلى السطح مؤخراً تفشي ظاهرة التلاعب في مواد الإغاثة الموجهة إلى الأقاليم المنكوبة، وكشفت المتابعات عن تجاوزات في الإغاثة المتجهة إلى إقليم دارفور، وحتى الآن، تلاحق التهم وشبهات الفساد وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، ووزارة التنمية الاجتماعية، بجانب حكومة إقليم دارفور.
ويمكن القول إن المتهمين الأساسيين هم (الدكتور جبريل إبراهيم وأحمد أدم بخيت ومني أركو مناوي) بجانب وزير الصحة والتنمية الاجتماعية بحكومة إقليم دارفور بابكر حمدين، ونجم الدين موسى مفوض العون الإنساني الذي تمت اقالته في وقت سابق، فيما تشير أصابع الاتهام إلى عدد من الأسماء منها المهندس عبد الباقي محمد مدير الرعاية الاجتماعية بحكومة إقليم دارفور، وعباس يوسف مفوض مفوضية العون الإنساني بولاية شمال دارفور، بجانب الدكتور محمد يوسف مدير الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الرعاية الاجتماعية والذي ظل يتستر على الدوام على قضايا الفساد التي تلاحق وزارة التنمية الاجتماعية.
200 شقة فخمة في بورتسودان على حساب جوعى دارفور
وتفيد المتابعات ان ولايات (شرق وجنوب ووسط وغرب دارفور) منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم في الخامس عشر من أبريل الماضي ولفترة (10) شهور لم تصلها الإغاثة، وبسبب النقص في الغذاء والدواء ظل عدد كبير من مواطني دارفور يموتون يومياً، وفي السياق كشفت منظمة أطباء بلا حدود في الخامس من فبراير الماضي النقاب عن وفاة طفل كل ساعتين في معسكر (زمزم) للنازحين بولاية شمال دارفور بسبب سوء التغذية، داعية إلى استجابة إنسانية واسعة لتوفير الطعام للنازحين.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود في بيان صادر عنها إن أزمة سوء التغذية في معسكر زمزم بشمال دارفور تتطلب استجابة إنسانية عاجلة؛ حيث يموت طفل كل ساعتين، ودعت المنظمة إلى التعبئة الجماعية للمجتمع الدولي، وتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية بشكل فوري ومنسق من أجل إنقاذ الأرواح، وأكدت أن تقييماً سريعاً للتغذية والوفيات، أجرته منظمة أطباء بلا حدود، كشف عن وضع كارثي في مخيم زمزم، منذ بدء النزاع في السودان في أبريل الماضي مشيرة إلى أنه تم الوصول إلى جميع مستويات الطوارئ الخاصة بسوء التغذية.
ونقل البيان عن (كلير نيكوليت) رئيسة الاستجابة لحالات الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في السودان، تأكيدها أن (ما نراه في مخيم زمزم هو وضع كارثي تماماً، وتشير التقديرات إلى أن طفلاً واحداً على الأقل يموت كل ساعتين في المعسكر) وأضافت أن (أولئك الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والذين لم يموتوا بعد، أكثر عرضة للوفاة في غضون ثلاثة إلى ستة أسابيع إذا لم يحصلوا على العلاج، وحالتهم قابلة للعلاج إذا تمكنوا من الوصول إلى منشأة صحية) وأشار البيان إلى أن منظمة أطباء بلا حدود هي مقدم الرعاية الصحية الوحيد العامل في معسكر زمزم، وهو أحد أكبر وأقدم مخيمات النازحين في السودان ويضم أكثر من (400) ألف نازح جراء الحرب في الإقليم منذ العام 2003م بين حكومة الإنقاذ وحركات دارفور المسلحة.
وفي سياق متصل بالأمر كشف والي غرب دارفور المكلف تجاني كرشوم عن حقيقة مفادها أن ولايته شهدت كوارث إنسانية قاسية جداً ومأسوية منذ إندلاع الحرب في السودان، وأكد كرشوم إن ولاية غرب دارفور منذ إندلاع الحرب ولفترة (10) شهور لم تتلقى أي دعم من المؤسسات الاتحادية، ولم تتلقى أي إغاثة من الجهات المسؤولة من توفير وتوصيل الإغاثة للولايات المنكوب، وأضاف قائلاً (مع العلم ان هناك دعم كبير تقدم من المنظمات الدولية والخيرين من أصدقاء الشعب السوداني، لكن للأسف لم يصلنا ولا فتيل دواء واحد علماً بأننا من أكثر الولايات تضرراً من الحرب) وشدد على ضرورة أن يتعامل المسؤولين بعدالة لجهة إن الإنسانية لاتتجزأ.
وأشار كرشوم إلى إن ولاية غرب دارفور شهدت نكبتين، النكبة الأولى صراع قبلي استمر لأكثر من شهرين، و النكبة الثانية المواجهة التي تمت في (أردمتا) بين الجيش والدعم السريع، مؤكداً إن المواجهتين أفرزتا واقع إنساني صعب جداً فيه معاناة كبيرة جداً للمواطنين، موضحاً أن حوجة الولاية كبيرة لجهة إن الجميع محتاجين للمساعدات الإنسانية، وقطع كرشوم بأن الأوضاع الإنسانية بولاية وسط دارفور أسوأ بكثير من غرب دارفور، ونبه إلى ظهور حالات سوء التغذية للأطفال والأمهات في الولايتين بسبب نقص الغذاء، موضحاً إن الوضع الانساني في الولايتين صعب للغاية، مؤكداً عدم وصول الإغاثة إلى ولايتي غرب ووسط دارفور، وحمل حكومة إقليم دارفور والحكومة المركزية في بورتسودان مسؤولية عدم وصول الإغاثة للولايتين.
معسكر الموت البطيء حيث يموت طفل كل ساعتين